الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (1)

ولد الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه بعد عام الفيل بثلاثة عشر عاما ومنذ صغره تربى على الشدة والرجولة والفروسية واسمه هو عمر ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح ابن عدي ابن كعب ابن لؤي بن غالب القرشي العدوي يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لوي بن غالب ويكنى أبا حفص ويلقب بالفاروق لأنه أظهر الإسلام بمكة فكان رضي الله عنه أبيض أمهق تعلوه حمرة حسن الخدين، والأنف، والعينين، غليظ القدمين، والكفين، مجدول اللحم، وكان طويلا، جسيما، أصلع، قد فرع الناس كأنه راكب على دابة وكان قويا، شديدا لا واهنا، ولا ضعيفا.
أسرته
ووالده هو الخطاب بن نفيل وكان جده نفيل بن عبد العزى ممن تتحاكم إليه قريش ووالدته هي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة.
وجمله أولاده هم ثلاثة عشر ولدا، وهم :
زيد الأكبر، وزيد الأصغر، وعاصم، وعبد الله، وعبد الرحمن الأكبر، وعبد الرحمن الأوسط، وعبد الرحمن الأصغر، وعبيد الله، وعياض، وحفصة، ورقية، وزينب، وفاطمة رضي الله عنهم.
حياته في الجاهلية
أمضى الفاروق رضي الله عنه شطرا من حياته في الجاهلية ونشأ كأمثاله من أبناء قريش وامتاز عليهم بأنه كان ممن تعلم القراءة، وهؤلاء كانوا قليلين جدا، وقد حمل المسؤولية صغيرا، ونشأ نشأة غليظة شديدة، لم يعرف فيها أنواع الترف، ولا مظاهر الثروة وقد دفعه أبوه إلى الرعي وأكسبته هذه الحرفة صفات جميلة لازمته رضي الله عنه كقوة التحمل، والجلد، وشدة البأس، وحذق في شبابه المصارعة، وركوب الخيل، والفروسية، وتذوق الشعر ورواه، وكان يهتم بتاريخ قومه وشؤونهم.
وكان رضي الله عنه رجلا حكيما، بليغا، حصيفا، قويا، حليما، شريفا، قوي الحجة، واضح البيان، مما أهله لأن يكون سفير قريش، ومفاخرا، ومنافرا لها مع القبائل وكان يدافع عن كل ما ألفته قريش من عادات، وعبادات، ونظم.
إسلامه
كان أول شعاعة من نور الإيمان لامست قلبه حينما رآى نساء قريش يتركن بلدهن ويرحلن إلى بلد بعيد فرارا بدينهم من أمثاله وغيره، فرق قلبه وأسمعهن الكلمة الطيبة التي لم يكن يطمعن بسماعها منه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا قبل إسلامه اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: أبي جهل بن هشام، أو بعمر ابن الخطاب)، فكان الفاروق رضي الله عنه هو المحبوب.
وقرأ بداية سورة طه قبل أن يسلم عند أخته فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم ويوم أسلم خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في صفين صف فيها اسد الله حمزة وصف فيه الفاروق عمر، وقال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ماكنا نصلي بالكعبة حتى أسلم عمر فلما أسلم قاتلهم حتى خلونا نصلي فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق لأنه فُرِّقَ به بين الحق والباطل، وقال ابن مسعود رضي الله عنه أيضا : كان إسلام عمر فتحا، وكانت هجرته نصرا، وكانت إمارته رحمة.
وأسلم الفاروق في ذي الحجة من السنة السادسة من البعثة النبوية وهو ابن سبع وعشرين سنة وكان إسلامه بعد إسلام حمزة رضي الله عنه بثلاثة أيام وكان المسلمون يومئذ 39 فكمل به الأربعين.
وعند الهجرة كان الوحيد الذي هاجر مهاجرا فحينما أراد الهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما، واختصر عنزته( عصا في قدر نصف الرمح وأطول من العصا وأقصر من الرمح) ومضى قبل الكعبة فطاف بالبيت سبعا متمكنا ثم أتى المقام فصلى متمكنا، ثم وقف على الحق واحدة، واحدة فقال لهم : شاهت الوجوه لا يرغم الله إلا هذه المعاطس (الأنوف) من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، أو ترمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي رضي الله عنه فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ثم مضى.
وهكذا ظل الفاروق عمر رضي الله عنه في خدمة دينه، وعقيدته بالأقوال والأفعال، لا يخشى في الله لومة لائم، وكان رضي الله عنه سندا ومعينا لمن أراد الهجرة من مسلمي مكة حتى خرج.
ونزل القرآن الكريم موافقا للفاروق في مواقف عدة فمنها في الحجاب، واتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وموافقته في ترك الصلاة على المنافقين، وموافقته في أسرى بدر، وموافقته في الإستئذان، ودعاؤه في تحريم الخمر.
وكان رضي الله عنه كثير المصاحبة لمحمد صلى الله عليه وسلم وشارك معه في جميع غزواته فكان رضي الله عنه شديدا البأس على أعداء الله لا يخاف في الله لومة لائد.
حتى أن الشيطان كان يخاف من عمر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك.
ومن فضائله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر). فقيل المراد بالمحدث: الملهم وقيل : من يجري الصواب على لسانه. ومن الفضائل أن أحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه كان أبو بكر الصديق ثم عمر ابن الخطاب، ومن فضائله أنه من المبشرين بالجنة، وثاني الخلفاء الراشدين، وفي ليلة الإسراء والمعراج رأى النبي صلى الله عليه وسلم قصر عمر الفاروق في الجنة.
وحينما فقد الصحابة نبيهم الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه وبايعو الصديق كان الفاروق رضي الله عنه خير معين له فيها فكان وزيره وأخوه وصاحبه ومستشاره وكان القاضي في عهده حتى كان الصديق رضي الله عنه يقول أحيانا حينما يسأل : ( لو أراد لكان هو الخليفة) أي عمر.
وحينما توفي الصديق ولحق بربه ولى على المسلمين خير من كان على وجه الأرض آنذاك ألا وهو الفاروق عمر رضي الله عنه فكان خير الخلفاء كان شديدا في أمر الله، رحيما برعيته، ليس له ميزات عن رعيته أبدا، ولا يميز حاله عليهم، فكان واحدا منهم، فلم يكن له قصر أو حرس أو نحو ذلك وحينما قدم أحد رسل الفرس سأل عنه فأخبروه بأنه في المسجد فذهب فلم يلقه فيها ثم بحث فرآه نائما تحت شجرة لوحده فقالوا له : هذا هو عمر، فلم يصدقهم ثم قال : هل هو نبي؟ فقالوا له : لا ولكنه يعمل بعمل الأنبياء. فقال الفارسي قولته المشهورة أمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت قرير العين هانيها). وقد كانت أموال الدنيا تأتيه كل يوم فيوزعها على المسلمين ولا يأخذ منها شيئا أبدا إلا ما يحتاجه أهله، مع أنه كان بإمكانه أن يصرفها على نفسه، وحينما رآى أحد الصحابة خشونة طعام عمر رضي الله عنه قال له الفاروق : أما إني لو أردت لكنت أطيبكم طعاما وأحسنكم لبسا ولكني أبقي ذلك ليوم القيامة. فكان رضي الله عنه لا ينظر إلى الدنيا أبدا وهي كانت تأتيه ومع ذلك كان يرفضها وكان يريد بذلك أن يلحق بصاحبيه النبي صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه.
ومن مواقف عدله ورحمته برعيته أنه خرج في إحدى الليالي كعادته ليطمئن على شؤون رعيته مع خادمه أسلم فرآى نارا فذهب ليرى فرآى رضي الله عنه إمرأة توقد نارا وعليها قدر وحولها صغارها يبكون من الجوع وهي تسكتهم بذلك القدر فقرب منها ثم قال : ما بال الصبية يتضاغون (يبكون) فقالت الجوع فقال : والقدر؟ قالت : أسكتهم به حتى يناموا فدمعت عيناه رضي الله عنه من الرأفة فقالت : الله بيننا وبين عمر فقال لها : وما يدريه رحمك الله فقالك : ذلك أدهى وأمر ثم ذهب مسرعا إلى دار الطعام فأحضر منها الطعام ثم ذهب فأوقد النار وطبخ للصبية بنفسه ثم طلب من أمه أن تطعمهم فوقف ينتظر فقال له خادمه أسلم : ماذا تنتظر فقال رضي الله عنه : لقد رأيتهم يبكون فلم أحب أن أفارقهم حتى رأيتهم يضحكون.
لله درك يا عمر أي امرئ كنت وأي خليفة كنت أنت ولا نقول إلا جمعنا الله بك في جنات الفردوس.
وفي عهد الفاروق حطم الله على يديه كسرى وقيصر ففتح العراق والشام ومصر وفلسطين وباكستان حتى وصل جنده إلى كابل وفي عهده وقعت الوقائع الكبرى كاليرموك، والقادسية، وأجنادين، ونهاوند، وجلولاء، وغيرها من المعارك الضارية التي حطمت رؤوس الكفر والطغيان فكان أعداء الله تعالى يخافون منه أشد الخوف وحتى قادته فكانوا لا يخرجون عن أمر من أوامره وفي عهده برز قادة عظام قادوا جيوش الإسلام مثل : خالد ابن الوليد، وأبي عبيدة الجراح، وشرحيبل بن حسنة، وعمرو ابن العاص، والقعقاع ابن عمرو, وسعد ابن وقاص، والمثنى ابن حارثة وغيرهم ممن كانوا رهبان في الليل وفرسان بالنهار.
وفي عام 23 من الهجرة النبوية المباركة فقد الإسلام أحد أبنائه الكبار، وقادته العظام، فبعد عشر سنوات من الخلافة حيث كان حصن الإسلام المنيع الذي لم يهدم حطم ذلك الحصن بموته فحينما كان يصلي صلاة الفجر طعنه الفاجر أبو لؤلؤة المجوسي عليه لعنة الله طعانت كثيرة إحداها تحت السرة وهي التلي قتلته وكان الفاروق رضي الله عنه معلما من معالم الهدى وفارقا بين الحق والباطل، وتأثر الناس كثيرا لفقده وكان ابن مسعود رضي الله عنه حينما يذكر له عمر يبكي حتى تبتل الحصى، ثم يقول : إن عمر كان حصنا للإسلام، يدخلون فيه، ولا يخرجون منه، فلما مات انثلم الحصن، فالناس يخرجون من الإسلام. وأما أبو عبيدة ابن الجراح كان يقول قبل أن يقتل عمر : إن مات عمر رق الإسلام ما أحب أن لي ما تطلع عليه الشمس أو تغرب وأن أبقى بعد عمر، فقيل له : لم؟ قال : سترون ما أقول إن بقيتم. فكان رضي الله صادقا فيما قاله فحين مات الفاروق انفتح باب الفتنة إلى يوم القيامة وصلى عليه صهيب الرومي رضي الله تعالى فرضي الله تعالى عن عمر وأرضاه وألحقنا به في جنات الفردوس بإذن الله تعالى.

الموضوع أنا كتبته وأسأل الله تعالى لكم الإفادة فمثل هؤلاء الرجال إتخذو قدوة لكم تفوزا بجنات النعيم ولا تنسوني من خالص دعائم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم في الله حميد الله / أبو محمد

معلومات رائعة

شكرا لك

مشكور حميد ,,
هذا الموضوع ترجمته بالانجليزي وحفظته وسمعته للاستاذ حسين صح ولا لا :p ؟
ع العموم تسلم ع الموضوع